السبت، ١٣ أيلول ٢٠٠٨

الأعجاز العلمي في كَنزا ربّا ( 3 )

بقلم : بشار حربي

الجدل في اللغة ، هو شدة الخصومة ، وجدل النور والظلام هو شدة خصوماتهما ، لتفرّد كل منهما بخاصيته وموقعه والقوى المسيطرة عليه ، ولكن الجدلية القائمة بينهما ، هي تلك العلاقة القائمة على الشدّ والجذب أحيانا ً وعلى التنافر حينا ً آخر ، فينشأ عن ذلك ما يمكن تسميته ، منطق صراع هذين المتناقضين في أطار وحدتهما ، وكلاهما يشكلان وحدة الوجود الغيبي والمادي .
وفي كتابنا المقدس ( كنزا ربا ) ، لم يحظ شيء ما بمقدار ما حظيت به موضوعة النور والظلام من تلازم واضح ، تجده في مجمل البوث ( السور ) ، وفي مضمونها أيضا ً.
فالنور والضياء هما نقيضا الظلام والديجور . والله – الحي العظيم – متقن ضياؤه ، بهي نوره ، ومن ضيائه النقي أنبثقت ملائكة التسبيح الذين لا حد ّ لهم ، وأشعاعات نوره تنبعث من بين أوراق أكليله من الأكوان ، لأنه رب أكوان النور جميعا ً ، وهو ملك النور السامي ، والحنان والتسامح والرحمة من طبيعة هذا النور ، وهو الحكمة ، وضوء الحكمة ينير قلب المؤمن ، والحي قائم في النور ، وأرض النور مثل نار تضيء على قمم شاهقة ، وكألتماعة النجوم في سماء رائقة ، أنها بهية ، كشمس أشرقت على الخمائل والجنان ، وكألق البدر ذي البهاء والأتقان ، كأنها سراج يضيء في زجاجة من بلور ، وثبّت فيها الله الأثريين (1) وملائكة النور ، وزيّنها بمصابيح تدور ، ووهبها سارية ً ، ومياها ً جارية ً ، وعطـّرها بالأريج ، وأنبت فيها من كل شيء بهيج . ولا حدّ للنور ، ولا يُدرى متى صار ، حيث قبل الأكوان جميعا ً صار الثمر العظيم .
وبأمر ملك النور العظيم ، حلّ الثمر العظيم داخل الثمر العظيم ، وبأمره سبحانه ، كان أثير الضياء العظيم ( آير زيوا ) (2) ، الذي منه كانت الحرارة الحية ، ومن الحرارة الحية كان النور ، وبقدرة الله صارت الحياة ، ثم صار الأثريون ، وبعد أن صارت الحياة ، صار الظلام ، وعالم النور فوق عالم الظلام المملوء كله بالشر والغائلة وبالنار الآكلة ،.. وفي بلد الظلام يوجد الماردون ، فيه ( هيواث )(3) ، وهي تجأر في الظلام ، وفيه الأشرار والكفار يلتحفون بالديجور ، وفيه الشر والعصيان والسحر والشعوذة ، وهي جميعها رجس من بلد الظلام .ومخلوقات عالم الظلام التي شاءها الخالق الجليل أن تكون نقيضا ً لمخلوقات عالم النور ، والشيء يُعرف بنقيضه كما يُقال ، هي أحدث من الأثريين ، ( بهاق زيوا )(4) أقدم من الروهة(5) ، كما الماء من الظلام أقدم ، أما كيف صار الظلام ، ومم َّ جُبـِل َ ؟ ، ولِمَ لا يبطـُل الظلام ، والنور قائم من البدء الى المنتهى؟ ، لكن الظلام على النور لا يُحسب ، والدار المظلمة لا تنير ، والظلام لا يتسع ، وهو في كنه ذاته يستر ، وكل ما ينتج عنه ، فهو باطل ، وأبناء الظلام باطلون ، ومردة الظلام هم أتباع الشيطان ، والشرير بشرّه يقف على أبواب الظلام ، بيد أن الصالح بصلاحه ، يصعد الى بلد النور ، وسيظل النور والظلام يتصارعان ، منذ أن نزلت الروهة الشوهاء الى الأرض حاملة معها كل ما يطفيء الضياء ، وأرادت أغراق آدم وحواء في الآثام ، .. فأبتدأ عندها صراع الخير والشر في ذات المخلوق ، وبهذا يُمتحن الأيمان ، وحين يكتمل العالم ، تسقط الأرض في الظلمات ، فهي الى أصلها سترجع ،.. في عالم الظلام نفوس ونفوس معبأة ، مثل فوانيس مُطفأة ، هذه تقدمت للحساب ، وهذه مُرجأة ، نفوس بلا عدد ، لا يسأل عنها أحد .. محشورة ٌ في العذاب ، منتظرة ساعة الحساب ( أرواحهم تبلى .. ونفوسهم بالعذاب تـُصلى ، مقيمون فيه الى يوم الدين * يومها الأرض والسماء تتهدمان وليس لهم بينهما مكان ، الكواكب تتساقط ويلفها الدخان ، والشمس والقمر يتبعثران .. فأين يذهبون ؟ بل هم في الظلام موثقون ، موتا ً ثانيا ً يموتون ، لا ينطلقون ولا يصعدون ) ، تلك هي النفوس التي أغواها الشيطان وأضلـّها . وأما عالم الظلام ، فأرض مقفرة مسعورة ، دُفِعت الى أقصى الجنوب ، بعيدا ً عن المعمورة ، والنشماثا(6) التي تخرج من عالم النور ، ستصعد ثانية الى عالم النور ، وستلبس الضياء وأردية من نور ، .. أما التي تمردت وبالأشباح أعترفت ، فلن تمثل أمام الله ، وعالم النور لن تراه ( ملك سام * عظيم المقام * ساهر لا ينام * لا يُرى ولا يرام * الا بالحدس والتلميح * والصلاة والتسبيح ) .
والغلبة يومها للمؤمنين الذين ستكون عكازاتهم هي أعمالهم الخيرة التي عليها يتوكأون ، .. فمن أراد النور فطريقه واضح وميسّر ، ومن أراد الظلام وأنتصرت في نفسه هواجس الشيطان ، فعليه وحده وزر ما تأتي يداه من فعل قبيح .
والنور أبقى وأعلى ، والظلام زائل وأدنى ، والله أراد لنا هذا الأمتحان ، وسيظل يتقاتل الكفر والأيمان ، ماعاش على وجه الأرض أنسان ، فهكذا يُمتحن الأيمان .


الهوامش :

1- الأثريون : جمع أثري ، وهو الملاك . 2- آير زيوا : كائن نوراني ، أثير ، ريح ، هواء ، الطبقات العليا من السماء . 3- هيواث : هو أسم من أسماء ، أم عالم الظلام . 4- بهاق زيوا : الضوء المشع، وهو كائن نوراني ، وهوأسم آخر يطلق على ( أباثر ) ملاك عالم الميزان . 5- الروهة : الروح الشريرة ، أم عالم الظلام . 6- النشماثا : النفوس ، وهي جوهر الحياة ، ومصدرها عالم النور ، وهي هبة الخالق سبحانه للأنسان

الأعجاز العلمي في كَنزا ربّا ( 2 )

بقلم : بشار حربي

يا لروعة الأعجاز العلمي في كتابنا المقدس ( كنزا ربّا ) ، فبعد أن وضحنا في مقالتنا السابقة تطابق أحدث النظريات العلمية حول نشأة الكون مع ما ورد في كتابنا المقدس .. نسوق لكم في هذه الحلقة البعيدة عن التعقيد اللغوي واللفظي ، ما نحسبه إعجازا ً آخرا ً لكتاب الحي العظيم ، وأسمحوا لي في البدء أن أذكر لكم مقدمة علمية ستشكل مدخلا ً لموضوع حلقتنا هذه .
( ذكر فريق دولي من العلماء الفيزيائيين من جامعة هارفارد ، أنهم قاموا بأول قياس لذرات ولدت من مضاد المادة ، وهي المادة المتفجرة والمعاكسة للمادة التي نستخدمها يوميا ً ) .
لقد أعتقد العلماء منذ زمن ، أنه عندما تكوّن الكون ، كانت فيه أجزاء متساوية من المادة ومضاد المادة ، ولكن ، لأن هاتين المادتين تبيدان بعضهما ، لم يستطع العلماء أن يدركوا ، لماذا أن المادة العادية – وليس مضاد المادة – هي المهيمنة في الكون ، وعلى المدى الطويل ستفتح هذه النتائج أبوابا ً جديدة من المواد في العلوم .
والآن ، دعونا ننظر في كتابنا المقدس ( كنزا ربّا ) ، وعلى وجه التحديد في موضوع ( المثيل السني الكامل ) الذي يشكل جزءا ً من عالم الأنوار ، يقول التسبيح الثاني من الكتاب الثالث – الجزء اليمين ( أيتها النفس تنهضين – والحي القدير تمجدين .. وله تسجدين .. سبّحي لعليين .. حيث يجلس الصالحون .. ومجّدي أدكاس زيوا ( 1 ) الأب الذي منه أنبثق آدم ) ، إن هذه البوثة ( الآية ) تفسر لنا وجود آدم بغرا ( 2 ) ( آدم الجسد ) في عالمنا الأرضي ، والذي هو زوج حواء ، ورأس السلالة البشرية ، أي أن آدم كسيا ( 3 ) ( آدم الخفي ) هو المثيل السني ل ( آدم بغرا ) ، وأنه يمثل الكمال بالنسبة له ، فهو كائن نوراني كامل في صفاته وأيمانه وقدراته التي هي جزء من قدرات عالم الأنوار .
ولنقول مجازا ً أن ( آدم كسيا ) هو مضاد ( المقابل وليس المعاكس ) ل ( آدم بغرا ) – الخطـّاء ، غير الكامل الذي يعيش في عالمنا ( عالم الظلام ) .
لنعود الآن الى ما أكتشفه العلماء مما أوردناه في أعلاه ، فأنه يضعنا في أول الدرب للوصول الى مضاد إنسان ، لأن ذرات مضاد المادة – المتشكلة من ألكترون ذرة مادة مضادة ( بوزترون ) وبروتون مادة مضادة ( أنتي بروتون ) – ستشكل هذه الذرات جزيئا ً ثم مضاد مادة وبالتالي مضاد أنسان ، وسنصل بعدها الى ما يقوله كتابنا المقدس ( مع مثيلي أنا أتحدث .. تعال نصلي أنا وأنت .. مجّدني وأمجّدك .. ساعدني وأساعدك .. فتصعدني وأصعدك .. ) ت 6 ك 17 – اليمين .
ومضاد الأنسان هذا ليس بالضرورة أن يكون الصورة السلبية لما نحن عليه ، بل يمكن أن يكون مكملا ً لنا ، فقد عُرف في العلوم دائما ً موضوع وحدة المتناقضات ، أو تكاملها ، وعليه ، فمثلا ً ( رام بغرا ) ، يكون مثيله السني ومثاله الكامل هو ( رام كسيا ) الذي يسكن في المطراثي ( 4 ) ، وهي جزء من مشوني كشطا ( 5 ) ، وبالتالي هي جزء من عالم الأنوار . ويمكن لقوى رام كسيا الغيبية المتكاملة أو جزء منها ، أن تنتقل الى رام بغرا ، حتى قبل مماته . إذ كلما إتحد الأثنان ، سيكون من نتيجة هذا الأتحاد ( لوفا ) ( 6 ) إنتقال جزء من قدرات ال ( كسيا ) الفائقة الى ال ( بغرا ) ،وبالتالي يمتلك الأخير ما نسميه نحن ب (الكرامات) ، أو ( إعطاء المراد ) .
وقد يحصل ذلك بعد وفاة ( بغرا ) وأنتقال النفس للحساب في المطراثي لتوزن بميزان شيتل بر آدم ( النبي شيت بن آدم ) ، فإن كانت بلا حساب ، بسبب تقواها الشديد ، إلتحمت مع كسيا وأكتسبت بذلك قواها وقدراتها و( كراماتها ) و( رام كسيا ) سيسوق نفس ( رام بغرا ) بعد الموت ويصعد بها الى بارئها ،
( خارج أنا للقاء شبيهي .. وخارج شبيهي للقائي .. حنا علي ّ .. وحنوت عليه .. كأنني عائد من السبي إليه ) ت 25 اليسار .

والنفس تسوق الروح معها أيضا ً. أنظر الى الروح وهي تقول لنشمثا ( النفس ) .. ( قوديني معك الى أن يقام الميزان ، فيُحسب ما بي من كمال ويحسب ما بي من نقصان .. وعندها يقرر الحساب ، أتبعك أم أبقى في العذاب ) ت 25 اليسار .
وكما عَرف آدم ، رأس السلالة البشرية ، أباه ( أدكاس زيوا ) الملاك ،
( وحين آدم ركع ، ولأبيه الملاك خشع ، أظهر له أدكاس زيوا نفسه ، فامتلأ آدم تسبيحا ً ورتـّل جسدا ً وروحا ً ) ت2 اليمين .
فإن كل ( آدم بغرا ) ، أي كل واحد منا سيعرف ملاكه الموكل بقيادة نفسه بعد حسابها وبعد صعودها الى مشوني كشطا والى عالم الأنوار – موطنها الذي منه أتت ، فالنفس وديعة الله – الحي العظيم – في الأنسان ، ولا بد من أسترداد الوديعة ولو بعد حين ،
( وحين يتم آدم مهمته ، يُمكـّن من العودة الى موطنه ، موطن النور .. مع أدكاس زيوا أبيه .. ليكون ملاكا ً فيه ) .
إن ما نسّطره في مقالتنا هذه ليست فكرة معقدة لا يمكن فهمها أو تتبعها ، بل هي حقيقة متسلسلة يدلنا عليها كتابنا المقدس ( كنزا ربا ) ، ويمكن إيجازها بما يأتي :
في الخلق :
من عالم الأنوار ___ النفس _____ الى جسد الطين ( بغرا )
في الموت :
من جسد الطين ___ النفس _____ الى المطراثي __ الى كسيا __الى مشوني كشطا __ الى عالم الأنوار .

وبذلك يكون آدم كسيا لكل منا ، رقيبا ً موكلا ً – ملاكا ً – ومانحا ً للقوة لنا عند تكامل إيماننا ، وسائقا ً لأنفسنا بعد الموت .

( ونفذ الصوت ، نحن نسميه الحق ، وأنتم تسمونه الموت . )

والآن لنتمعن القول مرة أخرى في المعلومة العلمية الواردة في بداية المقالة ، ولنقرأ حقيقة ( مضاد المادة ) في وجودنا، ولماذا المادة العادية – وليس مضاد المادة – هي المهيمنة في الكون ، ولنتسائل ، أين ذهبت مضاد المادة ؟ وأين هي الآن ؟ ، إن كانت معنا ، فما شكلها ؟ ، وبشكل أدق ، ما شكل مضادي أنا ؟ ، وأين هو ؟ وما هو تأثيره علي ؟ وما موقعه مني ؟ ومن منا يملك طاقة أكبر ؟ .
أدعوك قارئي الكريم ، أن تقرأ المقالة مرة ثانية ، وأفترض معي أن كسيا هو مضاد بغرا ، فماذا سنحصل ، وماذا يكون ؟ ، صحيح أن كلا ً منا يعيش في عالمه ، ولكن عالمنا دائم الأتصال بالعالم الذي يعيش فيه ( كسيا ) كل منا ، أي أن عالم الغيب وعالم الشهادة هما على أتصال دائم ، فلا تستغرب أنتقال قدرات كسيا الى بغرا .
كما نؤمن أن طريق النفس التي أودعها الله في بغرا ، ستمر بعد الموت ب ( كسيا ) ، أو المثيل السني الكامل .
وأعتقد أيضا ً أن هذا الموضوع يحتمل بأفتراضاته العديدة أن يكون بحثاً مستقلا ً ، لعلنا نوفر له الوقت الكافي يوما ً ما .


الهوامش

1- أدكاس زيوا : كائن نوراني ، وهو آدم الخفي البهي .
2- بغرا : الجسد . 3- كسيا : الخفي . 4- المطراثي : مطراثا : مطهر في العالم الآخر لتطهير النفس من آثامها . 5- مشوني كشطا : أرض العهد ، ويعيش عليها المختارون الصالحون . 6- الأتحاد : وفي المندائية يسمى ( لوفا ) ، وهو ما تتضمنه ( رواها إد هيي ) التي تقرأ في مناسبات العزاء والتي هدفها التوسل لحصول الأتحاد بين بين كسيا وبغرا

الأعجاز العلمي في كَنزا ربّا ( 2 )

بقلم : بشار حربي

يا لروعة الأعجاز العلمي في كتابنا المقدس ( كنزا ربّا ) ، فبعد أن وضحنا في مقالتنا السابقة تطابق أحدث النظريات العلمية حول نشأة الكون مع ما ورد في كتابنا المقدس .. نسوق لكم في هذه الحلقة البعيدة عن التعقيد اللغوي واللفظي ، ما نحسبه إعجازا ً آخرا ً لكتاب الحي العظيم ، وأسمحوا لي في البدء أن أذكر لكم مقدمة علمية ستشكل مدخلا ً لموضوع حلقتنا هذه .
( ذكر فريق دولي من العلماء الفيزيائيين من جامعة هارفارد ، أنهم قاموا بأول قياس لذرات ولدت من مضاد المادة ، وهي المادة المتفجرة والمعاكسة للمادة التي نستخدمها يوميا ً ) .
لقد أعتقد العلماء منذ زمن ، أنه عندما تكوّن الكون ، كانت فيه أجزاء متساوية من المادة ومضاد المادة ، ولكن ، لأن هاتين المادتين تبيدان بعضهما ، لم يستطع العلماء أن يدركوا ، لماذا أن المادة العادية – وليس مضاد المادة – هي المهيمنة في الكون ، وعلى المدى الطويل ستفتح هذه النتائج أبوابا ً جديدة من المواد في العلوم .
والآن ، دعونا ننظر في كتابنا المقدس ( كنزا ربّا ) ، وعلى وجه التحديد في موضوع ( المثيل السني الكامل ) الذي يشكل جزءا ً من عالم الأنوار ، يقول التسبيح الثاني من الكتاب الثالث – الجزء اليمين ( أيتها النفس تنهضين – والحي القدير تمجدين .. وله تسجدين .. سبّحي لعليين .. حيث يجلس الصالحون .. ومجّدي أدكاس زيوا ( 1 ) الأب الذي منه أنبثق آدم ) ، إن هذه البوثة ( الآية ) تفسر لنا وجود آدم بغرا ( 2 ) ( آدم الجسد ) في عالمنا الأرضي ، والذي هو زوج حواء ، ورأس السلالة البشرية ، أي أن آدم كسيا ( 3 ) ( آدم الخفي ) هو المثيل السني ل ( آدم بغرا ) ، وأنه يمثل الكمال بالنسبة له ، فهو كائن نوراني كامل في صفاته وأيمانه وقدراته التي هي جزء من قدرات عالم الأنوار .
ولنقول مجازا ً أن ( آدم كسيا ) هو مضاد ( المقابل وليس المعاكس ) ل ( آدم بغرا ) – الخطـّاء ، غير الكامل الذي يعيش في عالمنا ( عالم الظلام ) .
لنعود الآن الى ما أكتشفه العلماء مما أوردناه في أعلاه ، فأنه يضعنا في أول الدرب للوصول الى مضاد إنسان ، لأن ذرات مضاد المادة – المتشكلة من ألكترون ذرة مادة مضادة ( بوزترون ) وبروتون مادة مضادة ( أنتي بروتون ) – ستشكل هذه الذرات جزيئا ً ثم مضاد مادة وبالتالي مضاد أنسان ، وسنصل بعدها الى ما يقوله كتابنا المقدس ( مع مثيلي أنا أتحدث .. تعال نصلي أنا وأنت .. مجّدني وأمجّدك .. ساعدني وأساعدك .. فتصعدني وأصعدك .. ) ت 6 ك 17 – اليمين .
ومضاد الأنسان هذا ليس بالضرورة أن يكون الصورة السلبية لما نحن عليه ، بل يمكن أن يكون مكملا ً لنا ، فقد عُرف في العلوم دائما ً موضوع وحدة المتناقضات ، أو تكاملها ، وعليه ، فمثلا ً ( رام بغرا ) ، يكون مثيله السني ومثاله الكامل هو ( رام كسيا ) الذي يسكن في المطراثي ( 4 ) ، وهي جزء من مشوني كشطا ( 5 ) ، وبالتالي هي جزء من عالم الأنوار . ويمكن لقوى رام كسيا الغيبية المتكاملة أو جزء منها ، أن تنتقل الى رام بغرا ، حتى قبل مماته . إذ كلما إتحد الأثنان ، سيكون من نتيجة هذا الأتحاد ( لوفا ) ( 6 ) إنتقال جزء من قدرات ال ( كسيا ) الفائقة الى ال ( بغرا ) ،وبالتالي يمتلك الأخير ما نسميه نحن ب (الكرامات) ، أو ( إعطاء المراد ) .
وقد يحصل ذلك بعد وفاة ( بغرا ) وأنتقال النفس للحساب في المطراثي لتوزن بميزان شيتل بر آدم ( النبي شيت بن آدم ) ، فإن كانت بلا حساب ، بسبب تقواها الشديد ، إلتحمت مع كسيا وأكتسبت بذلك قواها وقدراتها و( كراماتها ) و( رام كسيا ) سيسوق نفس ( رام بغرا ) بعد الموت ويصعد بها الى بارئها ،
( خارج أنا للقاء شبيهي .. وخارج شبيهي للقائي .. حنا علي ّ .. وحنوت عليه .. كأنني عائد من السبي إليه ) ت 25 اليسار .

والنفس تسوق الروح معها أيضا ً. أنظر الى الروح وهي تقول لنشمثا ( النفس ) .. ( قوديني معك الى أن يقام الميزان ، فيُحسب ما بي من كمال ويحسب ما بي من نقصان .. وعندها يقرر الحساب ، أتبعك أم أبقى في العذاب ) ت 25 اليسار .
وكما عَرف آدم ، رأس السلالة البشرية ، أباه ( أدكاس زيوا ) الملاك ،
( وحين آدم ركع ، ولأبيه الملاك خشع ، أظهر له أدكاس زيوا نفسه ، فامتلأ آدم تسبيحا ً ورتـّل جسدا ً وروحا ً ) ت2 اليمين .
فإن كل ( آدم بغرا ) ، أي كل واحد منا سيعرف ملاكه الموكل بقيادة نفسه بعد حسابها وبعد صعودها الى مشوني كشطا والى عالم الأنوار – موطنها الذي منه أتت ، فالنفس وديعة الله – الحي العظيم – في الأنسان ، ولا بد من أسترداد الوديعة ولو بعد حين ،
( وحين يتم آدم مهمته ، يُمكـّن من العودة الى موطنه ، موطن النور .. مع أدكاس زيوا أبيه .. ليكون ملاكا ً فيه ) .
إن ما نسّطره في مقالتنا هذه ليست فكرة معقدة لا يمكن فهمها أو تتبعها ، بل هي حقيقة متسلسلة يدلنا عليها كتابنا المقدس ( كنزا ربا ) ، ويمكن إيجازها بما يأتي :
في الخلق :
من عالم الأنوار ___ النفس _____ الى جسد الطين ( بغرا )
في الموت :
من جسد الطين ___ النفس _____ الى المطراثي __ الى كسيا __الى مشوني كشطا __ الى عالم الأنوار .

وبذلك يكون آدم كسيا لكل منا ، رقيبا ً موكلا ً – ملاكا ً – ومانحا ً للقوة لنا عند تكامل إيماننا ، وسائقا ً لأنفسنا بعد الموت .

( ونفذ الصوت ، نحن نسميه الحق ، وأنتم تسمونه الموت . )

والآن لنتمعن القول مرة أخرى في المعلومة العلمية الواردة في بداية المقالة ، ولنقرأ حقيقة ( مضاد المادة ) في وجودنا، ولماذا المادة العادية – وليس مضاد المادة – هي المهيمنة في الكون ، ولنتسائل ، أين ذهبت مضاد المادة ؟ وأين هي الآن ؟ ، إن كانت معنا ، فما شكلها ؟ ، وبشكل أدق ، ما شكل مضادي أنا ؟ ، وأين هو ؟ وما هو تأثيره علي ؟ وما موقعه مني ؟ ومن منا يملك طاقة أكبر ؟ .
أدعوك قارئي الكريم ، أن تقرأ المقالة مرة ثانية ، وأفترض معي أن كسيا هو مضاد بغرا ، فماذا سنحصل ، وماذا يكون ؟ ، صحيح أن كلا ً منا يعيش في عالمه ، ولكن عالمنا دائم الأتصال بالعالم الذي يعيش فيه ( كسيا ) كل منا ، أي أن عالم الغيب وعالم الشهادة هما على أتصال دائم ، فلا تستغرب أنتقال قدرات كسيا الى بغرا .
كما نؤمن أن طريق النفس التي أودعها الله في بغرا ، ستمر بعد الموت ب ( كسيا ) ، أو المثيل السني الكامل .
وأعتقد أيضا ً أن هذا الموضوع يحتمل بأفتراضاته العديدة أن يكون بحثاً مستقلا ً ، لعلنا نوفر له الوقت الكافي يوما ً ما .


الهوامش

1- أدكاس زيوا : كائن نوراني ، وهو آدم الخفي البهي .
2- بغرا : الجسد . 3- كسيا : الخفي . 4- المطراثي : مطراثا : مطهر في العالم الآخر لتطهير النفس من آثامها . 5- مشوني كشطا : أرض العهد ، ويعيش عليها المختارون الصالحون . 6- الأتحاد : وفي المندائية يسمى ( لوفا ) ، وهو ما تتضمنه ( رواها إد هيي ) التي تقرأ في مناسبات العزاء والتي هدفها التوسل لحصول الأتحاد بين بين كسيا وبغرا

الأعجاز العلمي في كَنزا ربّا ( 1 )

الأعجاز العلمي في كَنزا ربّا
- الكتاب المقدّس للصابئة المندائيين -


بقلم : بشار حربي



• ( يجبُ أنْ تتكونَ الطاقة الحرارية وتنتشر في جميع الأجسام ، كذلك في الفاكهة والكروم والأشجار ) كنزا ربا
• ( خلق بثاهيل(1) كل شيء من طين الأرض ، من الريح والنار والماء ) كنزا ربا
• ( خرج من الثمرة الكبيرة ذات الحول الشامل والقدرة ألوف مؤلفة من الثمرات بلا نهاية وروبان روبان(2) من الشكينات(3) بدون عدد ، .. ) كنزا ربا

العلمُ وسيلةٌ وليس غاية ْ ، والبحثُ فيهِ بلا نهاية ْ ..
قصتهُ معروفة ْ .. وثمارُهُ مكشوفة ْ ..
مذهبهُ التقصّي والكشفُ عمّا يعصي ...
لكنهُ محدَّدْ بعقلِنا المجَّددْ ...
يحثـهُ السؤالْ .. ليبلغَ المنالْ ، فيقهرُ المُحالْ .. بهمةِ الرجالْ ...
يبهرُنا جديدهُ ، لأنهُ وليدهُ .. من دون ِ أنْ يملْ .. ويتعبُ أو يكلْ ...
باتَ لنا رفيقنا ، مُذ ْ شبَّ فينا عودُنا ، نسألهُ فينطقُ ، وقولهُ محقـَّقُ ...
أبعدُ أنْ يكونْ .. عن حالة ِ السكونْ ...
أضحى لنا سلاحنا ، يهابُ منه جهلنا .. في الكون ِ .. في الحياةْ .. في غَيهب ِ المماتْ ..
تراثُ مَنْ أفاقوا مِنْ سَكرةِ السكونْ ، وقارَبوا بسعيِّهم مناطقَ الجنونْ ، فأبدعوا وأثروا ...
وعلمُنا في يومِنا ، بمستوى الطفولة ْ .. لم يبلغْ الرجولة ْ .. ما زالَ لا يفسِّر ما قالهُ المبشرْ .. الحيُّ في الأعاليْ
بعالم ِ المثال ِ ..
وسفرُنا المُزكىّ .. كتابُ كنزا ربا .. أحاط َ بالعلوم ِ ، كالشمس ِ والنجوم ِ ...
تبصّروا بقوله ِ .. عَجَبا ترون ما به ِ...
إذ ْ قالَ ربُّ الحَوْل ِ والقدرة ِ والقول ِ ، عندَ الكتاب ِ السابع ِ، مِنْ كنزهِ الرائع ِ ...
( الشمسُ مع الأرض ِ تكوّنتْ ، كيانهُا مِنْ كيانِها ) و ( القمرُ صارَ من الأرض ِ)
قد كانَ في الأزل ِ ، من قبلِ ِ خلق ِ المُلل ِ ..
( الثمرُ داخلُ الثمرْ . والأثيرُ داخلُ الأثيرْ والوعاءُ العظيم ِ ذو الوَقارْ .. منهُ كانتْ الأوعية ُ العظيمة ْ ، المنتشرة ُ أضويتها ، الكثيرة ُ أنوارها ) كنزا ربا
حتى يقولُ سبحانهْ .. عديدةٌ مظانهْ ..
( ثمارٌ لا حدودَ لها وربواتٌ لا عددَ لها ، طلعَتْ مِن الثمر ِ العظيم ِ الذي لا حدَّ لهْ .. مسبِّحة ٌ للوعاء ِ العظيم ِ ذي الوَقارْ ، الحالُّ بالأثير ِ العظيم ) كنزا ربا
وهل بعد هذا ، مِن بيِّن ٍ مُبينْ ، عن منشأ الأكوانْ .. عن قدرةِ الد يّانْ ..
يقولُ علمُ الفلكْ ، وقولهُ قد سَلكْ، في منشأ الأفلاكْ .. رحماهُ مَن دلا ّك..
كانَ سديما ً (4)هائلا ً .. يسبحُ في الأثيرْ، ما قد عرفنا مثلهُ .. منقطعُ النظيرْ .. يسقط ُ من علـُو ٍ .. يصعدُ في علـُو ٍ .. إذ ْ لمْ تكُ لنا جهات أربعْ .. أو من جهار ٍ يُسمَعْ .. قد كانَ لا مكانْ ، وكانَ لا زمانْ ..
وانفجرَ السديمْ .. أجزاؤهُ تهيمْ .. لا تعرفُ المقرْ .. والكلُّ في مَفرْ ، كبيرةٌ .. صغيرةٌ كقطرةِ المطرْ .. سريعة ُ السقوط ْ ، بشكلها المخروط ْ .. فانفصلتْ رؤوسُها .. تدورُ حول نفسها ..
( إنها منتشرة ٌ تدورْ .. لكلٍّ منها مسارْ ، وكلٌّ في مدارْ .. ) كنزا ربا

وانظرْ عدا عما سلفْ ، في قولهِ فيه الخلفْ ..
( إنـّا جعلنا الكونَ منازلَ وطبقات * مكتملات ٍ وغيرَ مكتملات ) كنزا ربا
وهذا لعمري ، وصفُ المجموعات ِ الشمسية ِ والمجرّات ْ، وعددُها ربوات ُ ربواتْ ، وهنَّ فعلا ًمكتملاتٌ وغيرُ مكتملاتْ.. ألا ترى النجومْ ، تحيا وتموت ْ.. حينا ً ، بضوء ٍ ساطع ٍ .. حينا ً خفوتْ ..
وكذا الأبراجُ في منازلها ، والشموسُ في مطالعها ..
( إثنا عشرَ برجا ً للكواكب ِ كلـُّها تدورْ .. ) كنزا ربا
والبركة ْ بالحركة ْ ، أنظرْ الى ما حولكَ .. ماذا ترى ؟ ، يا أيها الأنسانْ ؟ .. يا أصغرَ الأكوانْ ! .. وإذ ترى ، ماذا ترى ؟.. غيرَ الثرى ! ،هلا ّ ترى ما قد جَرى .. من قبل ِ ما خلِقَ الثرى ..
( قبلَ الأكوان ِ جميعا ً كانَ الثمرُ العظيم ) كنزا ربا
يا أيها الأنسانْ .. إنْ كنتَ بعلمِكَ .. قد وسّعتَ فهمكَ .. لكونِنا ووجودِنا ، وقلتْ :
لسنا نعيشُ وحدَنا .. في كلِّ أركان ِ الدُنا .. والله ِ قد صَدَقتْ .. ما حِدتَ أو مَرقـْتْ ..
وبعدُ ..
ففي جعبتنا المزيدْ .. من كنزنا الفريدْ .. والعلمُ للأيمان ْ .. كالعَيْن ِ للأنسانْ ..
أوجزتكمْ فيما سَبَقْ .. رائعة ُ الذي خَلقْ ..
وللحديث ِ صِلة ْ .. لعلـَّنا نوصِلهْ ..

الهوامش :

1- بثاهيل : ملاك أثري يمثل الحياة الرابعة ، شارك في عملية الخلق والتكوين وله مَطهر . 2- روبان : وهو عدد قيمته 10 آلاف . 3- شكينات : مساكن . 4- السديم : الكتلة المائعة .