الجمعة، ١١ تموز ٢٠٠٨

الصابئة المندائيين ومعاناتهم

أخذت بعـض الأحـزاب التي أصبحت بـديلاً لنظام البعث لقيادة السفينــة العراقية الى عـراق جديد يحترم فـيــه الأنسان العراقي وتصان فـيه كرامته وحـرية الفكـروالعـقيــدة ، وسيحمي العراقيين وسيمنح حـقوق الأقليات ومنهم الصابئة المنداءيين ، إلا إننا اليوم نسمع ونقرأ حتى نشاهد عن إنتهاكات خطيرة من قوى الظلام والعصابات المجرمة الذين يمارسون جرائـمهم



بأسم الدين لـتصفية وإبادة وتهجير للـصابئة المندائيون أحدى مكونات الشعب العراقي الأصيلة وهي جزء أساسي من الفسيفساء العراقي الجميل ، لقد تناسى بعضهم للأسف الشديد صداقة وأخوة ومحبةهولاء ونضالهم المشترك ، الذين قدموا الشهداء والضحايا قرباناً لوطن وشعـب وكانوا شركائنا في مصائبنا ومعاناتنا ، وكانـوا أيضاً مـع جميع أطياف الشعب العراقي في خندق واحـد ضد الدكتاتورية العفـلقية ، وما لاقاهم مـن الأضطهادات السياسية من نظام البائد ، وللأسف يواجهـون الـيوم أبشع أساليب القتل والأضطهـاد الطائفي تنفـذها أيادي عراقـية قـذرة مرتبطة بجهات خارجية وتعمل على تنفيـذ أجنـدتهم ومخططاتـهم الخبيثـة ، وهناك فـتاوي من عمائم جاهلـة ومجهـولة ومسيرة من خارج الحـدود أخـذت تفتي بقتل المنـدائيين على أساس أنهم كفار ، وعـلى هـذا الأساس قام بعــض الجاهـلـين والمشبـوهـين بأسم الـدين الأعـتداء عـلى نواميس العديد من البنات ونساء أبناء هـذه الطائفة ويدون ذنب جنوه إلا ممارسة حقهم في ما يعتنقون مـن عقيـدة، وتعرض الكثير من أبناءها الى القتل والأختطاف ومن دون ذنب أقـترفوا أو جرم أرتكبوا سوى أنهم مندائيون فقط ، ونجــد بأن مأساة الصابئـة المنــدائيين في العـراق تـفوق حجم جميع المأسي ، وهــذا أمر لا تقره الديانات والشرائع السماوية ولا أعراف الدولية والأنسانية والعــدالة الأجتماعية .
لابـد من القول أن الصابـئـة المـنـدائـيين عاشوا في العـراق قـروناً متطاولة بسلام وأمان بين أخـوتهم العراقيون من كل الطوائف والمذاهب والقوميات بدون أن يعتدوا على أي أحد وبدون أن يكفرهم أحد ، فقد عاشت هذه الشريحة التي تمتد جذورها عميقاً في أرض العراق منذ ألاف السنين في مجتمع متنوع من الأنسجام والود فيما بينهم ، علماً أنهم لم يسيئوا لأحد وكانوا أقرب الناس الى العراقيين وخصوصاً الى شيعـة أهل البيت ، حيث إن أسمائهم تشبه أسماء الموالين لأهل البيت (عليهم السلام ) وكانوا دائـماً يشتركون في مجالس العـزاء سـيد الشهـداء سيدنا حسـين (عليه السلام ) ، وكانوا شركائهم في السـراء والضراء، وأمتزجوا مع عشائرها حتى أصبحوا جزء منها ، ومتمسكين بكل الأعراف والقيم العراقيــة
المعروف عن الصابئة المندائيين التي تسكن مدن الجنوبية قرب الأنهار والأهوارومتمسكين بطقوسهم ، وهم في كل الظروف يحاولون بقــدرالأمكان التعايـش الأخـوي مع كافـة أطياف الشعب العـراقي لأنهم أناس مسالمين ، وأشتهـرت هـذه الشريحة العـزيزة علينا من أبناء شعبنا بالطيب والكرم والعمل الصالح ومحبة الناس ، لقد أصاب أبناء هـذه الشريحة بخيبـة أمل كبيرة من أبناء وطنهم ، عندما تتجمـع الـذئاب عليهم ونشـر الخوف في نفوسهم ونـفوس أطفالهم وتروع نساؤهم ، ويتعرضون من أعـتداءات إرهابيـة في مختلف المدن الجنوبية بعـدالـفترة التي تلت سـقوط النظام البعثي ، وتطالبهم هذه الضمائر المنحرفـة بالـترحيل عـن الـماء الأزلي فـلا تـريدهم يرددون بأسـم الحي العظيم ( لأنهم يؤمنون بان الحي العظيم البصير القدير العزيز الحكيم) ، مما دفعهم للـنزوح طلبــاً للأمن والأمان في أقـلـيم كــوردستان والـى دول الجوار .
لـو نظرنا الى الصابئة المندائين برغم عددهم قليل ولا يتعدى المئات الألاف ( بينما يتراوح عـددهم في العـراق ما بين 100 الى 200 ألف ) ، لكن هـذه الطائفة غـذت مفاصل الحياة الرئيسية في العـراق من أبداعات رجالها ونساءها ، والذين ساهمـوا ببناء حضارة العراق العريقة ، وظهرت من بينهم الصناع الماهرين ، ، وكانوا الظهير القوي للعمل الزراعي وما قـدموه من تطوير زراعية حين شكلوا العــمود الفقري لصناعة الألات الزراعية التي يحتاجها الفلاح، هذه الطائفة رفدت الأحزاب من خيرة مناضليها ، وكذلك الجمعيات والأتحادات والنقابات من خيرة ناشطيها ، كما رفدت المعاهد والجامعات من خيرة كوادرها ، ولمعت بينهم ًأسماء من المبدعين كالعـلماء والأطبـاء والمهنـدسين ، مثلما لمعت أسماء مـن الشعـراء والكتاب والمثقفين السياسين ، ومعروف عن المعلمين المنـدائيين المخلصين لمهنتهم والـذيـن تركوا الأثر الكبير في نفوس طلابهم ، وغرسوا العلم والطموح والأبداع في أرواحهم ، ، غير إن هـذا العدد يتناقص بشكل كبير بسبب غياب الأمن وعدم وجود الأمان لهم .
للأسف الشديدهذه الكارثة بحق أبناء العراق الأصلاء من الصابئة المندائيين ولم تبادر الحكومة العراقية الجديدة ومنظمة حقوق الأنسان الأسراع بـحل مشاكلهم ومظالمهم ومعالجة هـذه الكارثة الأنسانية الـذي أقترف بحـق الصابئة المندائيين أبشــع الجــرائم والتميزالطائفي والتطهير العرقي ، وبحـق من خدمــوا وضحوا بأرواحهم من أجل الوطن وتحريرالعراق من أعتى الطاغية في التأريخ الحديث ، أذن الحكومة العراقـية تتحمل مسؤولياتها فـي حماية هـذه الشريحة المناضلة من أبناء شعـبنا فـي كافــة المدن الجنوبيـة والتي أختلط هـذه الشريحة دمائها بدمــاء أبنـاء شعبنا ، وحيث على عاتفهـا مسـؤوليات جسـام لوضع الحلـول العلمية والصحيحة أنهاء هـذه المشكلة وبعـزيمة وثبات ، ولا بـد مـن العمل الجاد لتوفــير الظروف المناسبـة للتعايـش السلمي بين مكونات الشعب العراقي ، وعـدم أفساح المجال لأعداء العراق المتربصين له ، ويحاولون بشتى الوسائل أيجاد الثغرات والشقاق في صفوف الشعب العراقي .


****


حقوق النشر محفوظة لجريدة الصباح .شركة الاعلام العراقي



ليست هناك تعليقات: