الجمعة، ١١ تموز ٢٠٠٨

عندما تتسامى النفوس

كنا في محلة "الجمهورية " المدينة المشهورة في محافظة البصرة- خرج من رحمها خيّرة أبناء وطننا - ، نمثل التآلف الحقيقي للامة العراقية، التي يرطن في حبها اصحاب الحلّ والربط الآن ، ويتهجأون سبورة عمرها بمراهقة نزقة!! ، ففي " لاين " واحد ، أعني زقاقنا .. يوجد بيت مسلم شيعي واخر سني، وصابئي ومسيحي ، وهناك أقارب ليهودي أعدم في بداية عهد البعث الثاني في العراق!!.


وفي هذا المقام لابد ان نتذكر للشريف الرضي قصيدة مشهورة في رثاء إبراهيم الصابئ، التي استغرقت ثمانين بيتاً، ومطلعها المشهور يقول
أعلمت منْ حملوا على الأعوادِ
أرأيت كيف خبا ضياء النادي
..........
............
ما مات مَنْ جعل الزمان لسانه
يتلو مناقبَ عُوداً وبوادي
فأذهب كما ذهب الربيع وإثره
باقٍ بكل خمائلٍ ونجادِ
"فأين عاطفة الشريف الرضي، ووجدانه تجاه مَنْ ظل محتفظاً بدينه الصابئي من فقهاء العصر، وثقة الخلفاء والأمراء بالطبيب الصابئ، فأفتوا خارج كتب الفقه بنجاسة الصابئة المندائيين، وهم أهل دين، الماء عندهم بعد الله وقبل النور؟ هذا وليس لدي معطيات تسمح ببحث العلاقة بين الرجلين، الرضي والصابئ، خارج إطارها الصداقي الإنساني إلى إطار فكري، فهناك إشارات وتلميحات في شعر الرضي قد تفيد في وجود منحى عرفاني (أغنوصي) لديه، والصابئة بالأساس هم عرفانيون، لكن ذلك هم آخر لا مجال للدخول فيه الآن.
غير أن ذكرى العلاقة بين الشريف الرضي والشيخ الصابئي ظلت حية حتى عصرنا الحالي. إذ أن " السيد محمد بحر العلوم عبّر عن آصرة الصداقة بين والده السيد علي بحر العلوم والشيخ الصابئي أبي بشير عنيسي بالعمارة فكان علي بحر العلوم يذهب إلى هناك لوجود أراضٍ موقفة له، وكانت تربطه بعنيسي صداقة وطيدة، فبعض الأصدقاء سأله:"كيف تكون لك صداقة وطيدة بشيخ صابئي؟ فرد عليه:
بيني وبين أبي بشير صداقة
تبقى مدى الأيام والأحقابِ
أني لأرجو الودَ يبقى بيننا
كودادِ سيدنا الرضي والصابي"

ليست هناك تعليقات: